الأحد، 4 مارس 2012

فكرة الأبعاد



حسناً .. دعنا نبدأ
 
من أنت ؟ .. أو بمعنى أكثر دقة، ما أنت ؟

ما الكون الذى تعيش فيه ؟ انا نسأل فى موضوع مجرد برمته ..

عندما يصبح السؤال وكأنه تعجيزى، فإن الاجابة تستحيل أن تأتى مفصلة من أحد العلوم التطبيقية، التى ندرسها، ونجرى تجاربها، وفيها نختبر ونناقش مواد تقع نصب أعيننا ..
فى مثل هذا السؤال لابد وأن تكون للدراسات المجردة والفلسفية دوراً هاماً على الأقل فى بداية البحث عن الحقيقة ..

فى الرياضيات التحليلية يمكننا دراسة كل نقطة على أنها الطرف الأخير لمتجه موضع بدايته هى نقطة الأصل، والتى تكتب فى صورة مرتبة تحتوى على عدد معين من الاحداثيات كلها تساوى الصفر ..
ولكن فى صورة أكثر تجريداً كيف يمكننا أن نعرف النقطة ؟!!
قد يبدو السؤال ساذجاً بعض الشئ، ولكنك الى حد ما سوف تعجز عن التعريف ...
يمكننا افتراض النقطة على أنها شكل هندسى عادى، ولكن أصغر من أن تقاس أبعاده، بل أصغر من أن نعرف عدد أبعاده !!
ولكى ننتقل الى مرحلة تالية فى فهم كل نقطة فى الكون المجرد كان لا بد من وجود فكرة الأبعاد ..

ومن هنا تبدأ الحكاية .. تعالوا معنا فى تلك الرحلة الممتعة 

فـكـرة الأبـــعـــاد 
كيف يمكننا تعريف البعد ؟
يمكننا تعريف الأبعاد على أنها المفاهيم التى تساعدنا فى الوصول الى نقطة معينة ..
وهذا هو ما جعل العلماء قديماً ( مرحلة ماقبل نيوتن وما بعده الى ما قبل أينيشتاين ) يعرفون الأبعاد على انها الاحداثيات التى تحدد مكان نقطة فى الفضاء ..
حسناً ، دعنا نُسَّلم بكلامهم - ولو بشكل مؤقت - فى الأجزاء الأولى من رحلتنا .

1 - البعد الأول (الطول)
دعنا نعود الى نقطتنا ..
فى مرحلة اللابعد، حيث أننا نعجز عن وصف النقطة بأبعادها
ولكن لننشئ أول بعد سنفترض وجود نقطة أخرى فى نفس الفضاء الموجود به النقطة الأولى
وبمنتهى البساطة سنوصل النقطة الأولى بالثانية .. وهكذا يتكون أول بعد وهو الطول


2 - البعد الثانى (العرض)


القطعة المستقيمة التى رسمناها تربط بين تلك النقطتين هى تقع على خط مستقيم لانهائى .. ودعنا نكون أكثر جرأة ونفترض أن هذا الخط المستقيم هو كون خطى لا منتاهى .. يكافئ كوننا الذى نراه غير متناهى أيضاً ..
ربما يكون هذا الافتراض صعباً .. اذ كيف يتحول هذا الخط المستقيم الى كون تعيش به كائنات - افتراضية - وتمارس فيه عملياتها الحيوية .. ولكن حاول أن تقنع نفسك بهذا الافتراض، فربما توجد كائنات تتعجب أيضاً من فكرة وجود حياة فى كون مثل كوننا !!
ودعننا نفترض أيضاً وجود العديد من تلك ( الأكوان ) فى مستوى الورقة التى ترسم فيها وتوجد فى وضع متوازى ..
المستقيمات المتوازية تتقاطع فى نقطة لانهائية كما نعلم 
ولكن الكائن الافتراضى لا يمكنه - باعتباره مثل أى كائن من الناحية المنطقية - أن يسلك سلوك اللانهاية للانتقال الى كون آخر، هنا كان لا بد من طريقة مختصرة توصل هذا الكائن من كونه الى كون آخر موازٍ لكونه
ستلاحظ أننا قد رسمنا قطعة مستقيمة منفصلة أو مشتقة عن القطعة الأولى التى رسمناها، وبحيث أن المستقيم الذى تقع عليه تلك القطعة المستقيمة الجديدة يقطع الخط المستقيم الابتدائى وكل زملائه من الأكوان المتوازية .
وبهذا نكون قد رسمنا كل المستقيمات المتوازية فى مستوى واحد له بعدين ( أول وثانى) وهما (الطول والعرض) ورسمنا الخط المستقيم الذى يقطعهم فى نفس المستوى ذو البعدين، ولا يخفى عليك أن باستطاعتك الآن أن ترسم العديد من المستقيمات التى توازى الخط المستقيم الجديد، ولكى ينتقل كائن من أى خط مستقيم جديد الى آخر يوازيه سيسلك مسلك الخط المستقيم الأصلى .
وفى الهندسة التحليلية، ترسم المستقيمات الجديدة عمودية على المستقيمات الأولى لنحصل على "شبكة تربيعية" أو "مستوى احداثى متعامد" أو "المستوى الديكارتى" نسبة للعالم والفيلسوف "ديكارت" 

وفى هذا المستوى نستطيع التعبير عن أى نقطة فيه بزوج مرتب على الصورة (س ، ص) بحيث أن المتجه س ص مبدأه نقطة الأصل (0،0) ونهايته النقطة (س ، ص) ويسمى كل من س ، ص باحداثى أو بعد .. المفهوم الذى يساعدنا فى الوصول الى نقطة معينة أو الاحداثى الذى يحدد مكانه فى الفضاء .

3 - البعد الثالث (العمق أو الارتفاع)

هذه المرة سنفترض أن المستوى الذى قمت برسمه عبارة عن كون افتراضى تعيش فيه كائنات افتراضية سندعوها "المسطحات" يمكننا تخيلها بأنها كأفراد العائلة الملكية فى ورق اللعب (الكوتشينة) حيث لا سمك لهم .. مجرد شرائح لا تستطيع رؤيتها اذا وقفت عمودياً على جنبهم ..
صحيح أنك من السهل عليك أن تتصور كيف ترى المسطحات، ولكن الأصعب قليلاً أن تتصور كيف يرونك !!
انهم لن يروك ثلاثى الأبعاد، لأنهم ببساطة لا يعرفون ما هو البعد الثالث، ولا يستطيعون تخيله حتى ..
سيروك هؤلاء المسطحون غريباً جداً لأنك ستظهر لهم ثنائى البعد من كل جانب، ولن يوجد جانب تختفى فيه عن أعينهم، ولكنهم رغم كل هذا لن يدركوا وجود بعد ثالث ..
أو من الأسهل فى التصور .. كيف يمكن لتلك المسطحات أن ترى بالوناً كروياً ينتفخ، انهم سيرونه مجرد دائرة تزداد مساحتها، ولكن الغريب أنهم سيرونها دائرة من كل الجوانب، ومن المعروف فى الدائرة الحقيقية ذات البعدين أنك ستراها بشكل غير كامل الاستدارة كلما ملت عن العمودى على مركزها، ولن تراها مطلقاً اذا وقفت بشكل عمودى على الخط العمودى الذى يمر بمركزها
نعود للمستوى الذى أصبح بين يديك ( الكون ثنائى البعد ) كيف يمكن لكائن مسطح يعيش فى هذا الكون الثنائى أن ينتقل الى كون ثنائى آخر يوازيه، نعلم أن المستويات المتوازية تتقاطع فى مستقيم لانهائى ولكننا نريد طريقة مختصرة مثل المرة السابقة ..
لقد انكشفت اللعبة، فمن المؤكد أنك قد عرفت الاجابة .. نرسم مستوى جديد يقطع كل من المستويات ( الأكوان ) المتوازية تنتقل من خلاله المسطحات عبر تلك الأكوان المتوازية ..
اذا كانت تلك المستويات متعامدة فاننا قد حصلنا على فراغ نستطيع فيه أن نتعامل مع احداثيات ثلاثة، ويمكننا التعبير فيه عن كل نقطة موجودة به بثلاثى مرتب ( س ، ص ، ع ) بحيث تكون نقطة الأصل ( 0 ، 0 ، 0 )
ويسمى كل من س ، ص ، ع  بأبعاد أو احداثيات ..
المفاهيم التى تمكننا من الوصول الى نقطة معينة
أو الاحداثيات التى تحدد مكان نقطة معينة فى الفضاء ..
ويمكن تعريف البعد الثالث بطريقة أخرى، وهى أنه بعد يتم فيه طى مستوى له بعدين، فلو افترضنا أن هذا المستوى عبارة عن جريدة، ووقفت نملة على أحد طرفيها، فانها يمكن أن تسلك مسلكاً عادياً للوصول الى الطرف الآخر، ولكن اذا تم طى الجريدة ذات البعدين فى البعد الثالث، فاننا سنتيح للنملة أن تصل بأسلوب سحرى للطرف الآخر ..
واذا افترضنا أن هناك كائنات لم تلحظ هذا الطى، فانها سترى النملة تحركت من نقطة فى أقصى اليمين الى نقطة فى أقصى اليسار مباشرة دون أن يروها تسلك طريقها الطبيعى، فقط تختفى من هنا لتظهر هناك ...


4 - البعد الرابع (الزمن)

حسناً .. كل ما مر الى الآن جيد .. فهى تحت عينك تراها وتشعر بها، ولكن من الآن سينتقل الحديث الى ما لا تراه ..
باعتبار البعد هو المفهوم الذى يساعدنا فى الوصول الى نقطة معينة، فان الأبعاد الثلاثة الأولى لا تكفى، وللتسهيل فى التأكد من هذا، سنضرب لك مثلاً بسيطاً ..
كان لا بد لك أن تقابل صديق لك، وقد حدد لك ذلك الصديق الاحداثيات الطلوبة، فالمقابلة ستحدث فى عمارة تقع فى تقاطع الشارع الفلانى مع الطريق العلانى الدور رقم كذا، ولكنك ذهبت هناك ولم تجده !!
هل تعرف ما السبب فى هذا ؟
لأن الاحداثيات التى أعطاها لك صديقك لا تكفى
فالاحداثى السينى وهو الطول ( الشارع الفلانى )، والاحداثى الصادى وهو العرض ( الطريق العلانى )، والاحداثى العينى وهو الارتفاع ( الدور رقم كذا ) لا تكفى لأن الأمر لم يعد مجرد تحديد مكان نقطة
لم يعد تعريف البعد هو الاحداثى المكانى لنقطة فى الفضاء ..
لأنك لا تريد فقط الوصول الى نقطة، وانما تريد الوصول الى حدث معين ..
لذلك كان لا بد من احداثى رابع يحدد هذا وهو مثل أن يخبرك صديقك ( الساعة الفلانية ) وهو بعد الزمن ..
يمكنك تخيل هذا الأمر من ناحية أخرى، فى احداثيات فراغية، تريد الوصول الى نقطة معينة متحركة، وعرفت انها موجودة للحظة معينة فى نقطة تحدد بثلاثى مرتب ( س ، ص ، ع ) ولكنك لا تعلم تحديداً فى أى لحظة ستكون تلك النقطة موجودة حسب تلك الاحداثيات، لذا كان لا بد من ذلك الاحداثى الرابع ( الزمن ) فيتم تحديد النقطة ستصل الى ذلك المكان بعد كم ثانية من بداية الحركة أو بداية الرصد، تصبح هكذا نقطتنا متحركة فى فضاء رباعى، ونصل اليها بالرباعى المرتب ( س ، ص ، ع ، ز ) ..
ويمكننا الآن افتراض نقطة الأصل لهذا الفضاء الرباعى انها ( 0 ، 0 ، 0 ، 0 )، وفيها تتقاطع المحاور الاحداثية الرباعية بشكل متعامد، تتقاطع فيها البعد الطولى مع العرضى ومع الارتفاع، وتتقاطع تخيلياً مع محور الزمن، بحيث أن نقطة الصفر على هذا المحور هى بداية الرصد أو بداية تحرك النقطة المرصودة ..
ويحسب اضافة هذا البعد غير المرئى للعالم "ألبرت أينيشتاين" والعالم "شارل كارتزشيلد"

كلنا نعلم أن الخط المستقيم يتكون من مجموعة لا نهائية من النقاط التى تتلاصق مع بعضها البعض بشكل متصل اتصالاً لانهائياً، فاذا كان هذا الخط المستقيم هو الزمن، فان كل نقطة تقع عليه تمثل لحظة أصغر من أن تُقاس، وفى الفضاء الرباعى تكون النقطة لها احداثى زمنى مسقطه نقطة على محور الزمن ( لحظة )، واذا كانت النقطة ساكنة فان موضعها سيتغير أيضاً فى الفضاء الرباعى والذى سنطلق عليه اسم " الزمكان "، فالتغير يكون من ( س ، ص ، ع ، ز ) الى ( س ، ص ، ع ، زَ) ، فالاحداثى الرابع هو الذى سيتغير باستمرار، وهذا يعنى أن اللحظة مجرد نقطة فى محور من أربعة محاور تشكل احداثيات الزمكان ..

خاصية أخرى موجودة فى البعد الرابع، لم تكن موجودة فى الأبعاد الثلاثة الأولى ..
الفضاء الذى يحتوى على النقطة أ والنقطة ب والنقطة جـ وأنا وأنت وأبيك وأمك وصديقك وحبيبك، سواء كانت كل هذه النقاط ساكنة أو متحركة أو بعض منها ساكن والآخر متحرك، كل نقاط هذا الفضاء يترحك مساقطها على محور الزمن بنفس المعدل، الثانية التى تمر هنا هى ذاتها التى تمر هناك ولا تخالفها التى تمر هنالك، بمعنى آخر، الفراغ ذو الأبعاد الثلاثة تحول كله بكل ما فيه من عدد لا نهائى من النقاط الى نقطة واحدة على محور الزمن ..

معدل تحرك نقطة على أى بعد بالنسبة للزمن يسمى سرعة، والاختلاف الجديد فى بعد الزمن أن أى بعد سابق كان لا بد اذا تواجد أن يتواجد من يسبقه، فلا يصح أن نقول طول وارتفاع بلا عرض، أو عرض وارتفاع بلا طول، فاذا كانا بعدين فقط فلا بد أن يكونا طول وعرض، ولكن يمكن للزمن أن يتواجد دون أن يعبأ بما يسبقه، فاذا تحركت نقطة فى خط أحادى البعد، فان حساب سرعتها يكون بمعدل تغير س بالنسبة للزمن، ويصح أن ترسم هذا فى مستوى احداثى، وهو ما لم يكن يتحقق مع " ع " مثلاً ..

ولكن ليست الخواص المميزة للبعد الرابع فقط هى ما تعطيه تلك المكانة الخاصة، بل ان هناك خواص أخرى موجودة فى الأبعاد السابقة ليست موجودة فى البعد الزمنى، نحن نعلم أن هناك خط ذو بعد واحد، وشكل له بعدان، ومجسم ثلاثى الأبعاد، لكننا لم نعلم ما هذا الشئ ذو الأبعاد الأربعة، ولا نعلم اذا كان هذا الشئ موجود أم لا ..
لأن البعد الرابع حد معرفتنا به هو أنه بعد زمانى وليس مكانى، ولكن قد يكون له جانب مكانى لا نراه نحن، مثلما تعاملت المسطحات مع المجسمات ( شرحنا ذلك فى البعد الثالث )، اذاً فلو كان للبعد الرابع وجود مكانى، فلن نصل اليه مطلقاً عملياً، فقط ستظل معادلاتنا حبر على أوراق .. وان كانت صحيحة ...

ومن الخواص الموجودة فى الأبعاد الثلاثة الأولى وغير موجودة فى الرابع، هى خاصية الاتجاه، اذ أن المحاور السينية والصادية والعينية بها اتجاهين موجب وسالب، ولكننا لم نسمع عن اتجاه سالب للبعد الرابع، فالزمن كالسهم المنطلق من قوس، لا يمكن ارجاعه، ولكن صفته البعدية جعلت العلماء يفترضون فى معادلاتهم أن البعد الرابع مثل أى بعد له اتجاه سالب، ولكننا لم نصل الى الآن لتحقيق هذا عملياً .. معادلات حبر على أوراق .. وان كانت صحيحة

5 - البعد الخامس (المسار المتاح)

جيد جداً حتى الآن ...
ثلاثة أبعاد نراها ونتعامل معها ..
وبعد رابع بالكاد نشعر به ..
كيف اذاً سنتخيل البعد الخامس المزعوم هذا ؟؟
نعلم أنه يمكن وجود أبعاد حولنا أعلى من أن نراها، ولكن كيف يكون الفضاء الذى نعيش فيه فيه خمسة أبعاد ونحن لا ندرك أقل الادراك عن البعد الخامس ؟؟؟
اذا أردت تبسيط تخيل هذا، فعليك أن تتعرف على شئ عجيب اسمه " شريط موبيوس "

شــريــط مـوبـيـوس
هو شريط صممه العالم الألمانى " أوجيست موبيوس " ليخدم بعض المسائل الرياضية، وهو عبارة عن شريط دائرى من الورق المطوى بطريقة تجعله اذا مررت عليه سن قلم فانه يطبع على كل مكان فى الشريط بسطحيه، واذا مرت نملة من فوقه فانها ستمر عليه كاملاً ...
بصورة أكثر بساطة ان هذا الشريط ذو البعدين مطوى فى البعد الأعلى، وهو البعد الثالث، واذا مر عليه كائن من الكائنات الافتراضية التى أطلقنا عليها المسطحات، فانها ستشعر ولو انها مرت على شريط مستقيم ولن تدرى أنها تتحرك بين أبعاد ثلاثة ...
هى نفسها الفكرة، فبينما ونحن نتحرك على المحور الزمنى، نتحرك فى بعد أعلى، وهو البعد الخامس ..
أنت تشعر أن الزمن مجرد خط مستقيم يمر عليك أو أنت تمر فيه، والحقيقة غير ذلك، فهو عبارة عن شريط موبيوس مطوى فى بعد أعلى، وانت مثل ذلك المسطح المسكين، لا يدرى بوجود بعد أعلى من تلك التى يشعر بها ...

وبصورة أكثر فلسفية، ماذا عساه أن يكون ذلك البعد الخامس؟ وما هذا الذى ينطوى فيه الزمن دون أن نشعر ؟؟
الاجابة الأكثر قبولاً .. انها الخيارات، القرارات التى تتخذها، المسار المتاح لك أن تسلكه فى حياتك ...
ربما لا تلحظ هذا الا فى القرارات الهامة فقط والتى يتحدد على أساسها تغيير مسار الحياة بشكل جذرى، مثل هل ستختار شعبة العلوم أم شعبة الرياضيات فى الثانوية العامة؟ هل ستتزوج ابنة خالتك التى اختارتها لك أمك أم أنك ستفضل ما اختاره قلبك؟ هل ستلتحق بكلية العلوم أم كلية الهندسة ؟؟
ولكن تلك الفكرة ضيقة الى حد ما، لأن المسار المتاح لك يتواجد فى كل لحظة من لحظات الحياة، فأمامك اما أن تنظر يمينك أو يسارك، تحرك اصبعك أو تتركه ساكناً، تتابع قراءة هذا المقال أم تقلع عن قراءته لأنك شعرت بالملل ...
كلها أشياء فى منتهى البساطة، لذلك لا تمثل قراراتها أو مساراتها المتاحة شيئاً هاماً فى حياتك، بل أن بعض منها تلقائى، وكل تلك القرارات من أكبرها لأصغرها تتحكم فيه اختيارك، والقدر، وتصرفات الآخرين؛ أنا لست هنا بصدد الحديث عن قضية هل الانسان مسير أم مخير، أنا فقط أنوه الى الموضوع من ناحية أكثر تجريداً ...
وعلى صعيد الاحداثيات فاذا افترضنا  نقطة تتحرك فى فضاء رباعى الأبعاد بسرعة وحدة طول لكل وحدة زمن، فأين ستكون تلك النقطة بعد وحدة من الزمن ؟؟؟
الأمر فى علم الغيب، نحن لا نعلم ماذا يمكن أن يؤثر على تلك النقطة، أو اتجاه حركتها، ولكن من المعلومات المعطاة هى ستكون فى نقطة تبعد عن موضعها الآن مسافة وحدة طول، وعندما يكون هذا فى الفراغ، فان كل النقاط المحتملة سترسم كرة مركزها موقع النقطة الآن ... (( هذا اذا لم يكن هناك أى احتمال لوجود مؤثر خارجى يؤثر على سرعة حركة النقطة ))
وعلى الصعيد الواقعى سنفرض انك تخرجت من الثانوية العامة، وأنت الآن فى انتظار نتيجة التنسيق، فان الكلية التى ترغبها اما أن تكون هندسة واما أن تكون علوم، وهناك عدة احتمالات أخرى مثل أن تموت، أو أن تسافر، أو تهبط عليك ثروة من السماء تغنيك عن العمل و الدراسة، قد يصبح عندنا عدد لانهائى من الاحتمالات ...
كل هذا يقف عقبة أمامنا فى تحديد احداثى خامس يمكن أن يشارك فى وصف نقطتنا التى فى الفضاء ..
ولكن لحل تلك المشكلة أو تجاوز تلك العقبة يجب علينا أن نفهم ما يسمى بـ"الموجة الاحتمالية" أو "الموجة اللاتحديدية" ..

الموجة الاحتمالية (اللاتحديدية)
الموجة الاحتمالية أو اللاتحديدية هو أحد مصطلحات ميكانيكا الكم، عندما يطلق على موجة تحتوى على عدد ( نهائى أو لانهائى ) من القيم التى قد تكون كلها صحيحة فى الوقت الحالى، وفى وقت لاحق يظهر أن الصحيح هو قيمة واحدة فقط، وبالتالى تنهار الموجة اللاتحديدية .
مثال بسيط على هذا، عندما نقوم برصد الكترون ذرة الهيدروجين عن طريق المعادلات الموجية نجد أن المعادلة تعطيك أكثر من قيمة !
نحن نعلم منذ أن كنا ندرس ألف باء الكيمياء أن ذرة الهيدروجين بها الكترون واحد فقط فكيف ظهرت أكثر من قيمة ؟؟
لأن فى الوقت الراهن عند التعويض بأى قيمة سيعطيك نتائج صحيحة، ولذا فان الاجابة لن تكون قيمة موحدة، وانما ستكون موجة احتمالية، وفى وقت لاحق سيظهر أن هناك قيمة واحدة فقط هى التى استمرت فى اعطاء النتائج الصحيحة .. أى أن قد انهارت الموجة اللاتحديدية وأصبح الحل فى نفطة وحيدة، وهو ما تسميه ميكانيكا الكم بمبدأ انهيار الموجة اللاتحديدية بفعل الملاحظة .

وعندما نعود للحديث عن البعد الخامس، يمكننا التمثل بمثال اختيار الكلية التى تلتحق بها، حل تلك المسألة موجة لاتحديدية تحتوى على نقاط تمثل كلية الهندسة وكلية العلوم وكلية التجارة ..... وأيضاً يحتوى على عدم الالتحاق بأى كلية، وعندما يتحقق أى حدث من تلك الأحداث، تكون قد انهارت الموجة اللاتحديدية، واختفت من البعد الخامس، وأصبحت القيمة الحقيقية نقطة على محور البعد الرابع الزمنى ...
والموجة اللاتحديدية كى نعبر عنها كاحداثى خامس فى فضاء من خمسة أبعاد، فعلينا استخدام الأعداد المركبة لأن الأعداد الحقيقية تعجز عن وصف مجموعة ( نهائية أو لانهائية ) من النقاط فى المستوى أو الفراغ ...
و يحسب اضافة هذا البعد الى تلميذ أينيشتاين النجيب " تيودور كالوزا"

6 - البعد السادس (المسارغيرالمتاح)

عندما تحدثنا عن المسار المتاح فى البعد الخامس، ذكرنا أن التحكم فى هذا المسار وانهيار موجته اللاتحديدية هو القدر أو الحظ وقرارك وتصرفات الآخرين، ولكن هناك مسارات غير متاحة لك ..
لا يمكن انهيار موجتها وتحقيقها لا بالقدر ولا بالحظ ولا بقرارك ولا بتصرفات الآخرين، مسار غير متاح اليك نهائياً ..
لهذا نحن ندعو الله عند وقوع مصيبة " اللهم انى لا نسألك رد القضاء ولكنى أسألك اللطف فيه " ، فرد القضاء مسار غير متاح لك، لأن القضاء قد وقع بالفعل، وسلوك مسار غير متاح مستحيل فى فضاء خماسى الأبعاد ..
لتوضيح الأمر، اليك هذا المثال :
نفترض انك تخرجت من الثانوية العامة، وقررت الالتحاق بكلية العلوم، ومرت السنوات وتخرجت من الكلية، وعملت كمعيد فى تلك الجامعة، ومرت عليك أيام وعرفت أن صديقك الذى تخرج معك - ولكنه التحق بكلية الهندسة - قد سافر للعمل فى ألمانيا وأصبح غنياً يمتلك ملايين الدولارات ...
وأنت جالس فى مكتبك فى الجامعة، خطرت فى بالك فكرة أن تتخرج من الثانوية العامة وتلتحق بكلية الهندسة، لتسافر مع صديقك ألمانيا وتصبح ثرياً، ولكن للأسف هذا الأمر مستحيل فى فضائك خماسى الأبعاد، لأنه لا يقع ضمن مسارات الموجة اللاتحديدية التى يضعها لك البعد الخامس، بصورة أخرى .. مسار الالتحاق بكلية الهندسة بعد التخرج من الثانوية العامة ليس من الخيارات المتاحة لك فى الوقت الراهن وأنت جالس على مكتبك فى الجامعة ..
لكنك تريد هذا ولو نظرياً ..
كيف يمكن أن يحدث ؟؟
أمامك طريقتان ..
الأولى : تعود مستخدماً الاتجاه السالب من محور البعد الرابع الزمنى، حتى تصل الى نقطة التخرج من الثانوية العامة، وعند تلك النقطة تستخدم البعد الخامس فى تغيير المسار ( انهيار الموجة الاحتمالية بصورة أخرى غير التى حدثت فى الواقع ) وعندها تلتحق بكلية الهندسة وتسير كما أنت على الاتجاه الموجب لمحور الزمن حتى لحظة قرار السفر الى ألمانيا ..
الثانية هى الأسهل : نضيف بعداً سادساً للفضاء ذى الأبعاد الخمس، ونطوى فيه البعد الخامس للبعد الأعلى، وعندها تصل الى بعد رابع جديد، تكون فيه قد سلكت مساراً غير الذى سلكته فى الخط الزمنى الذى تعيش فيه واقعياً ..

فكرة طى البعد فى بعد أعلى ليست جديدة عليك، فقد استخدمناها مسبقاً فى شرح البعد الثالث، عندما قمنا بطى الجريدة، التى كانت عليها النملة، عندها هيأنا لها أسلوباً سحرياً للانتقال من كون فى أقصى اليمين، الى كون فى أقصى اليسار ..
أيضاً فقد هيأت لك وانت جالس فى مكتبك الاتقال الى كون لم تكن تحلم بالانتقال اليه ...
فأنت مثل المسطحات التى لم تلحظ طى الجريدة فى بعد أعلى ...

وفى الفضاء الاحداثى ذو الخمس أبعاد اذا انتقلت نقطة من الاحداثيات ( س ، ص ، ع ، ز ، مـ ) الى النقطة ( سَ ، صَ ، عَ ، زَ ، مـَ ) ثم أردنا أن تصل الى الاحداثى ( سَ ، صَ ، عَ ، ز ، مـً ) ، فانها ينبغى أن تسلك أحد الطريقتين، اما أن تعود فى الاتجاه الزمنى العكسى من زَ الى ز ، ثم اختيار المسار مـً بدلا من مـ ، أو أن نضيف بعداً سادساً للفضاء "م" وبالتالى تتحرك النقطة من ( س ، ص ، ع ، ز ، مـ ، م ) الى ( سَ ، صَ ، عَ ، زَ ، مـَ ، مَ ) ثم عبر البعد السادس مباشرة الى ( سَ ، صَ ، عَ ، ز ، مـً ، مً )

7 - البعد السابع (خط اللانهايات)

عندما كنا نتحدث عن البعد الرابع، نوهنا ان الفراغ بأبعاده الثلاثة تحول الى نقطة فى خط الزمن ، اذا تصورنا تلك المسألة بأكبر صورة ممكنة، سنقول أن الكون اللامتناهى بأكمله عبارة عن نقطة فى البعد الرابع ...
يبدو هذا مقنعاً ، ولكن كيف يمكننا تصور البعد السابع على هذا النحو ؟؟؟؟
سنقوم بتخيل الأمر فى أكبر صورة له ممكنة ..
البعد الرابع والخامس والسادس فى أكبر صورة لهم ممكنة ..
الأمر واضح، فعلى صعيد البعد الرابع .. ستكون أكبر صورة ممكنة له هو الزمن منذ لحظات خلق الكون الأولى، وهو ما يعرف بنظرية الانفجار العظيم ( Big bang )، عندما انفجر جزئ أضأل من الذرة، الى أحد تلك المصائر المحتملة لكوننا، حيث يوم القيامة عندما يعود الكون الى القبضة التى خلقته ..
وعندما نتخيل البعدين الخامس والسادس فى أكبر صورة لهما سيكون الأمر أكثر تعقيداً، لأنك ستفترض كل المسارات التى قد تكون موجودة فى كل لحظة على خط الزمن الكونى، وفى اللحظة الأخيرة من عمر الكون ستفترض وجود عدة مصائر محتملة لنهاية الكون الحتمية ..
ها أنت الآن قد وصلت الى أكبر فضاء سداسى الأبعاد يمكن تصوره ..
 افترضه الآن كنقطة تقع على محور البعد السابع !!
لكن قبل هذا هل تعلم ما هى النقطة التى حصلت عليها ؟؟
انها الـ " مالانهاية "
فما هى الـ " مالانهاية "

اللانهاية
اللانهاية هى أبعد نقطة عن نقطة الأصل فى أى فضاء له 6 أبعاد أو أقل ..
اللانهاية هى النقطة التى تمثل أكبر عدد حقيقى على المحاور الاحداثية الستة الأولى
اللانهاية هى النقطة التى تمثل المعكوس الجمعى لأصغر عدد حقيقى على المحاور الاحداثية الستة الأولى
اللانهاية هى النقطة التى تتقاطع فيها المجالات المغناطيسية المتنافية
اللانهاية هى النقطة التى تتقاطع فيها المستقيمات المتوازية
اللانهاية هى قيمة مقياس مساحة أكبر مستوى ممكن، وحجم أكبر فراغ ممكن
اللانهاية هى نقطة تقع على مستقيم يتقاطع فيه مستويان متوازيان

وها نحن قد وصلنا الى تعريف جديد للانهاية ..
وهى نقطة من عدد لا نهائى من النقاط التى تتصل اتصالاً لا نهائياً لتكون مستقيم المحور الاحداثى للبعد السابع
ولكن قد يخطر فى بالك سؤالاً - ان كنت منتبهاً للمقال من بدايته -
البعد الأول أتى من اللابعد .. أى أتى من نقطتين قمنا بالتوصيل بينهما ..
ولكن الآن نمتلك نقطة واحدة هى "اللانهاية" ، وليس عندنا نقطة أخرى، لأنه لا توجد سوى لانهاية واحدة، فالفرق بين لانهايتين كمية غير معينة كما نعلم ..
ولكن معلوماتك قاصرة للأسف .. فعقلك فى هذه الحالة محدود التفكير والخيال ..
ان كل بعد نضيفه هو بمثابة حرية حركة لنقطة لم تكن حاصلة عليها ..
فبعد أن كانت النقطة لا تستطيع الا أن تتحرك فى كونها الخطى، قمنا باعطائها حرية الحركة فى مستوى، ثم فى فراغ ، ثم فى زمكان، ثم فى فضاء خماسى ، ثم فى سداسى ..
والآن حصلنا على نقطة لانهاية واحدة ..
تمثل الكون بأكمله منذ أن بدأ والى أن ينتهى، بكل الاحتمالات الواردة فى البعدين الخامس والسادس ..
ولكن لو استمر الحال على ما هو عليه فان المقال سينتهى هنا، لأننا لن نحصل على البعد السابع المنشود ..
لذا كان حتمياً وجود لانهاية أخرى ..
تمثل كوناً آخر، نشأ فى ظروف مختلفة عن تلك التى نشأ فيه كوننا ..
وتخضع نشأته لنظريات أخرى مختلفة عن نظرية الانفجار العظيم، أو ربما تكون مشابهة، ولكى نحصل على لا نهاية هذا الكون، سنفترضه بأكبر صورة يمكن افتراضه بها، من حيث أبعاده الستة، كما طبقناها على كوننا ..
وها قد حصلنا على مالانهاية أخرى، مختلفة عن لانهايتنا، وأصبح وجود البعد السابع أمراً بسيطاً ..
فقط ..
صل بين النقطتين اللانهائيتين، ها هو البعد السابع قد بزغ أمامك ...
وبالتالى يمكن حساب معدل حركة نقطة فى فضاء سداسى الأبعاد بالنسبة للبعد السابع، كما كنا نفعل عند حساب معدل حركة نقطة فى فراغ ثلاثى بالنسبة للبعد الرابع ..
فالبعدين الرابع والسابع - كلاهما - كل نقطة فيه تمثل فضاء مكون من عدد أبعاد يقل عن رتبته بواحد ..


8 - البعد الثامن (الانفصال الكونى أو الانشقاق اللانهائى)

فى البعد الأول، قمنا بتوصيل نقطتين فى كون خطى، وفى البعد الثانى قمنا برسم خط انفصل أو انشق عن البعد الأول، ليصل الخط الأول بنقطة لا تقع عليه، ولكنها موجودة فى نفس المستوى ذو البعدين ..
حسناً .. وفى البعد السابع قمنا بتوصيل لانهايتين، وما دمنا استطعنا التخلص من قيد الاعتقاد بوجود لانهاية واحدة فقط، وافترضنا وجود لانهاية أخرى لنصل بها لانهاية كوننا، اذأ فمن السهل الاشارة الى حقيقة هندسية لا تقبل الجدل، وهى أن الخط المستقيم يحتوى على عدد لانهائى من النقاط، وفى حالة البعد السابع وهو خط اللانهايات، كانت كل نقطة بمثابة لانهاية، اذاً يوجد عدد لانهائى من اللانهايات، كل منها يمثل لانهاية خاصة بكون مختلف عن كوننا، نشأ فى ظروف مختلفة عن ظروف نشأة كوننا، وسينتهى فى ظروف مختلفة عن ظروف كوننا، ولا عجب لو وجدنا كون مشابه لكوننا، هنا أتذكر كلمة العالم الأمريكى " مارتين ريز "

بما أنه توجد عوالم مختلفة وعديدة، إذاً من المتوقع وجود عالم كعالمنا. فإذا دخلنا إلى متجر لبيع الثياب حيث توجد ثياب بمقاييس مختلفة وعديدة فليس من المستغرب حينئذٍ أن نجد ثوباً بمقاسنا. لذا ليس من المستغرب وجود عالَم كعالمنا لأنه توجد عوالم عدة ومختلفة.
اذاً مع كل هذه الافتراضات، لن يكون مثيراً للدهشة اذا قلت لك أن خط اللانهايات المتمثل فى البعد السابع ليس هو الخط اللانهائى الوحيد، فمن السهل عندئذ أن نتصور وجود نقطة لانهائية أخرى لا تنتمى لهذا الخط، ونحن نريد أن نصل بينها وبين خطنا، تماماً مثلما فعلنا فى البعد الثانى ..
سنرسم خطاً يربط بين خط اللانهايات الأول ونقطة اللانهاية الخارجة، وهذا الخط هو الانفصال الذى حدث عن الخط الكونى، وهو يمثل البعد الثامن ..
وهكذا يوجد العديد من الخطوط اللانهائية الموجودة فى مستوى لانهائى يشبه المستوى الذى تطرقنا اليه فى بداية رحلتنا والذى يضم البعدين الأول والثانى ...

9 - البعد التاسع (الطى الكونى أو الانثناء اللانهائى)

نقطة لانهائية ..
بالطبع تنتمى الى مستقيم لانهائى ..
والمستوى الحاوى لهذه الكيانات اللانهائية هو مستوى لانهائى بطبيعة الحال، نشأ نتيجة تقاطع فراغين متوازيين ..
وسنشبه هذا المستوى بجريدة ا ب جـ ء طرفها الأيمن ا ب  ، حيث ا ب مستقيم لانهائى وكل نقطة فيه تعتبر لانهاية، و جـ ء  مستقيم لانهائى وكل نقطة فيه تعتبر لانهاية، وسنتخيل أن نملتنا وقفت على الجانب الأيمن وأرادت الوصول الى الجانب الأيسر، فان لها أن تسلك المسلك العادى للوصول الى الطرف الأيسر ..
أو أن نقوم بما فعلناه فى شرح البعد الثالث، نطوى الجريدة فى بعد أعلى، وبالتالى نتيح للنملة أن تنتقل بأسلوب سحرى الى الطرف الآخر ..
والطى كما عرفنا، يتم فى بعد أعلى، وفى تلك الحالة يكون الطى فى البعد التاسع، طياً كونياً أو لانهائياً ...

10 - البعد العاشر (خط النقاط فوق الكونية أو فوق اللانهائية)


كل شئ على ما يرام حتى الآن ..
فكل ما لا نراه نتخيله مكافئاً لأشياء أخرى افترضناها وفهمناها، وربما رأيناها ..
أنت الآن سعيد، لأنك تخيلت البعد السابع مثل الأول، والثامن مثل الثانى، والتاسع مثل الثالث ..
وأنت الآن - ان كنت قد وعيت اللعبة جيداً - فى انتظار أن نمثل البعد العاشر مثل البعد السابع أو البعد الرابع بحيث نقوم بتحويل كل الفضاء المكون فى الأبعاد السابقة الى نقطة تقع فى البعد العاشر ..
فلنجرب .. لتخيل الفضاء تساعى الأبعاد بأكبر صورة ممكنة، فاننا سنتخيل كل الأكوان المتاحة - بعددها اللانهائى - وكل المسارات المتاحة وغير المتاحة لها، وكل هذا سنفترضه نقطة فى البعد العاشر ...
ولكن .. للأسف الأمور لم تعد على ما يرام !!
لأن البعد العاشر كى يُنشأ فلابد من وجود نقطة أخرى توصل بتلك النقطة ..
ولكن من أين نحصل عليها ؟؟؟ ونحن قد أنفقنا كل الاحتمالات وأعيتنا كل الحيل، ووصلنا الى حد اللانهاية الذى لا يمكن وجود هناك حد أكبر منه ...
ولكن يبدو أن حساباتنا ضعيفة، وافتراضاتنا محدودة ..
فأكبر شئ افترضناه هو الكون اللانهائى، لكن يبدو أن الكون ليست هو الوحدة الكبرى، وانما يوجد ما هو أكبر منها ..
يبدو أنه لن نستطيع أن نصف البعد العاشر سوى أنه خط تقع عليه نقاط فوق لانهائية أو فوق كونية ..
ولأننا نعجز عن تخيل هذا تماماً، فلن نضيف أى كلمة أخرى، لأننا لا نعرف هل المبادئ المنطقية البسيطة تنطبق على تلك النقاط أم لا
هنا انتهت رحلتنا فعلياً، وفقدنا القدرة على الاستمرار فى العملية التخيلية ...

11 - البعد الحادى عشر(البعد الوترى)


ربما تندهش ..
كيف يوجد بعد حادى عشر ونحن قد أنهينا كل الخدع التى استخدمناها فى البعد العاشر ؟؟
ولكن نظرية الأوتار هى التى فرضت علينا وجود هذا البعد ..
ولكى نكمل الحوار، عليك أن تعرف هذا المصطلح جيداً ..

نظرية الأوتار

هى مجموعة من الأفكار الحديثة تفسر تكوين الكون ( أو الأكوان وفوق الأكوان ) من أصغر نقطة لأكبر شئ، مهما اختلفت مسمياتها، نظرية الأوتار ، أو نظرية M ، أو نظرية كل شئ ، أو نظرية القوى الأربع ، أو نظرية الأوتار الفائقة ..
وكلها تتفق فى أساس النظرية  ..
وهو أن الكون ما هو الا سيمفونية تعزف على أوتار لها احدى عشر بعداً ..
بحيث أن هذا الوتر العملاق يهتز فينتج عنه ذبذبات، تعرف بالصورة الوترية، تلك الذبذبات عندما تشتد تتحول الى أصغر صورة مادية يمكن تخيلها، وهى الكواركات، التى تتجمع لتنشأ الميزونات، والتى تتجمع هى الأخرى لتكون البروتونات والالكترونات والنيترونات، وبالتالى يتكون النظام المادى من الذرة ثم الجزئ ...
ما من أحد أخبرته بتلك المعلومة، الا ونظر الى نفسه وما حوله، مستنكراً أن يكون هو أو أى صورة للمادة مجرد مظاهر للاهتزاز، ولكنها يمكن أن تكون حقيقة، ولا يوجد حتى الآن ما من يمنع ثبوت تلك النظرية ..

ان الهدف الأسمى للفيزياء الحديثة، أو فيزياء ما بعد أينيشتاين، هو الوصول لحقيقة ماهية الكون، والربط بين كل القواعد التى تدرس أجزاء الفيزياء، سواء فيزياء الأجسام الكبيرة، أو الصغيرة ...
الحلم الأعظم لعلماء الفيزياء هو الربط بين الفيزياء الكلاسيكية، وميكانيكا الكم، والنظرية النسبية، وطمس التناقض بينها ..
وجد العلماء فى نظرية الأوتار ضالتهم، وشعروا أنها يمكن أن تكون الخلاص من شبح التناقض الفيزيائى ..
ولكن - وللحق - لم تصل نظرية الأوتار الى مستوى اليقين الذى وصلت اليه النظرية النسبية مثلاً ..
فالنسبية وصلت الى هذا المستوى بعدما قدمت تنبؤات معينة وحدثت بالفعل عن طريق الرصد والتجريب، ويأمل العلماء فى تحقيق هذا مع نظرية الأوتار.
 ولكن للأسف كل المليارات التى أنفقت على تجارب تثبت صحة نظرية الأوتار ذهبت هباءً ..
فقد فشلت كل التجارب المرجوة، والسبب فى ذلك لم يكن لعيب ينفى صحة نظرية الأوتار، وانما الأخطاء حدثت لاستحالة حدوث بعض الأمور عملياً ، ولا زالت التجارب قيد البحث والتجربة للوصول الى الحقيقة المنشودة ...

وأخيراً ...وبعد نهاية رحلتنا مع الأبعاد ..
سأسألك سؤالاً أخيراً ..
هل تجد فرق بين النقطة التى رسمناها فى وصف البعد الأول، وتلك التى كانت تقع على البعد العاشر ؟؟
الاجابة : لا ..
فلا يوجد ما يمنع أن تكون نقطتنا هذه هى نقطة فوق كونية، أو نقطة لانهائية !!
قبل أن تسجل اعتراضاً سأذكرك بكلمة قلتها فى أول المقال ..
 (( يمكننا افتراض النقطة على أنها شكل هندسى عادى، ولكن أصغر من أن تقاس أبعاده، بل أصغر من أن نعرف عدد أبعاده !! ))
اذاً فأنت عاجز عن معرفة ماذا يوجد بداخل نقطتك ..
ربما توجد بداخلها أكوان متعددة مثل نقطة البعد العاشر ..
نعم .. ولا تتعجب
انظر حولك
ستجد نفسك فى فراغ
مكون من عدد لانهائى من المستويات
والمستوى مكون من عدد لانهائى من المستقيمات
والمستقيم مكون من عدد لانهائى من النقاط
كل نقطة من تلك، قد تحتوى بداخلها على عدد لانهائى من الأكوان ..
وكل كون بالتأكيد يحتوى على عدد لانهائى أيضاً من النقاط ..
وكل نقطة تـ ... ...  ............. !!!
لن أكمل، فأنت لست بحاجة أن أعلمك حقيقة قد وصلت اليها ..
وتتعجب منها، ربما تشعر الآن أن تفكيرك سيشتتك ويمزق عقلك ..
وربما تتمنى لو أنك لم تقرأ تلك المقالة ..
ولكن للأسف .. أمنيتك تلك
ليست متاحة لك فى الوقت الراهن . . أنت فى حاجة الى البعد السادس !!!!!

~~~~ Moh ~~~~

مراجع
ذكرت هنا بعض الألفاظ التى لم نتطرق الى تفسيرها بشكل موسع، اذا أردت الاطلاع عليها يمكنك الضغط على اللفظ الذى تريد تفسير مفصل لمعناه ..

أبعاد
 
كون‎
نقطة‎
خط مستقيم‎
مستوى ديكارتى‎
 
فراغ‎
 
زمن‎
 
زمكان‎
ميكانيكا الكم‎
شريط موبيوس‎
لانهاية‎
نقطة لانهائية أو مستقيم لانهائى أو مستوى لانهائى
نظرية الانفجار العظيم‎
 
نظرية الأوتار 
نظرية M
نظرية كل شئ‎